مستشفيات وزارة الصحة مازالت في الإنعاش والتطوير لم يبرح مكانه

رغم مرور ما يقرب من عام على الجولات التفقدية التي قامت بها لجنة الشؤون الصحية والعمل بالمجلس الوطني برئاسة الدكتور سلطان المؤذن والتي كشفت العديد من المخالفات وتراجع مستوى الخدمات الصحية بمختلف المستشفيات والمراكز الطبية التابعة لوزارة الصحة، لم تحرز حتى الآن الوزارة التقدم المطلوب بمعظم منشآتها وتحديداً في دبي لتلبية احتياجات المراجعين، رغم إقرار الدكتور حنيف حسن وزير الصحة بما ورد في تقرير لجنة الشؤون الصحية والعمل بالمجلس الوطني الاتحادي، الذي أشار إلى تهالك أغلب مباني المنشآت التابعة لوزارة الصحة، وانتهاء العمر الافتراضي لبعضها كمستشفى البراحة والأمل في دبي، مؤكداً في رده على تساؤلات أعضاء المجلس الوطني، أثناء انعقاد جلسة مناقشة تقرير “اللجنة الصحية” أن الوزارة تتجه خلال الفترة المقبلة إلى إجراء صيانة شاملة للمستشفيات المتهالكة، ووضع تصاميم لأخرى في الإمارات الشمالية، غير أن ذلك لم يتم حتى الآن وتحديداً بمستشفى الأمل في دبي، بعدما أثبتت اللجنة مدى تهالكها وعدم صلاحيتها بالمرة لاستقبال مرضى جدد، لدرجة أن المستشفى أُجبر على تخفيض عدد الأسرة الموجودة به والمخصصة لعلاج مرضى الإدمان من 45 سريراً إلى 14 بسبب النقص الحاد في الكوادر الطبية والتمريضية المتخصصة، مما دعا المجلس الوطني خلال الجلسة ذاتها إلى التوصية بضرورة بناء المستشفيات والمراكز الصحية مع مراعاة الحاجة الفعلية والكثافة السكانية لضمان امتداد الخدمات الطبية لكل مناطق الدولة .

وعلى اثر ذلك أكد وزير الصحة آنذاك أن الوزارة تتجه نحو إنشاء مستشفى جديد للصحة النفسية بطاقة استيعابية 200 سرير في دبي كبديل عن مستشفى الأمل بتكلفة إجمالية 600 مليون درهم، غير أنه حتى الآن لازالت الوزارة تطلق تصريحاتها الوردية دون إحراز أي تقدم يذكر في عملية إحلال وتجديد المستشفى .

وحول الوضع الراهن للمستشفى كشفت صالحة بن ذيبان، مديرة مستشفى الأمل للصحة النفسية في دبي، أن المستشفى أصبح بحاجة عاجلة للإحلال قبل أن يحدث ما لا يحمد عقباه، موضحة أن المستشفى يضم 80 مريضاً فقط منهم 35 في قسم الرجال، و31 في قسم السيدات، و14 يخضعون للعلاج من الإدمان، بخلاف قائمة انتظار طويلة من المرضى المصابين بالإدمان والنفسيين، لا يقوى المستشفى على استيعابهم، مما يتطلب تدخلاً عاجلاً وسريعاً لإنقاذ هؤلاء المرضى الذين لا يستطيعون التعبير عن آلامهم واحتياجاتهم .

ومن مستشفى الأمل إلى مستشفى البراحة في دبي، حيث لم تعلن وزارة الصحة حتى الآن عن مراحل الصيانة التي وعدت بها وتغطية العجز الحاد في مختلف التخصصات الطبية سواء بين الكوادر الطبية أو التمريضية بهدف تطوير المستشفى وتلبية احتياجاته، خاصة أن تقرير لجنة الشؤون الصحية والعمل بالمجلس الوطني أكد حاجة المستشفى العاجلة إلى 3 استشاريين و3 أخصائيين للأطفال الخدج والنساء والولادة و5 أطباء تخصص ممارس عام و40 كادراً تمريضياً مؤهلاً للعمل بمختلف التخصصات الطبية، إضافة للاحتياج العاجل لنحو 20 موظفاً إدارياً لسد العجز الملحوظ في ذلك التخصص، مما دعا إدارة المستشفى لإسناد مهام إدارية لعمال النظافة وهو ما كشفه الدكتور حنيف حسن بنفسه خلال إحدى جولاته التفقدية بمستشفى البراحة، إلى جانب ذلك أكد تقرير لجنة الوطني احتياج المستشفى لعدد كبير من الأجهزة والمعدات الطبية وإحلال بعض الأجهزة القديمة التي مر على استخدامها ما يقرب من عشرين عاماً، إلى جانب إحلال بعض المباني كمبنى عيادة الجلدية ومبنى مختبر الأنسجة وسكن الممرضات الذي تم إخلاؤه منذ 4 أعوام للإحلال ولكن لم يتم تنفيذ ذلك، بل قامت إدارة منطقة دبي الطبية بإسكان عدد من الموظفين والفنيين بالمبنى بالرغم من أن المبنى معرض للسقوط .

كما كشفت اللجنة أن تهالك تلك المباني يتسبب في تسرب مياه حمامات الطوابق العلوية إلى الطوابق الأرضية مما يساهم بدوره في انتشار الأمراض بين العاملين والمراجعين .

إلى جانب ذلك كشفت اللجنة آنذاك أن مستودعات المستلزمات الطبية تعاني من ضيق المساحة وتسرب مياه الأمطار وبحاجة عاجلة للإحلال أو الصيانة والتوسعة العاجلة، غير أن ما سبق ذكره لم يتم إنجازه بشكل كامل حتى الآن، وفقاً لمصدر مطلع داخل مستشفى البراحة، أكد أنه منذ إعلان تقرير المجلس الوطني وحتى الآن لم يتم توفير أكثر من 5 أطباء بمختلف التخصصات الطبية في المستشفى، رغم حاجة المستشفى الفعلية لما يزيد عن 15 طبيباً، إلى جانب ذلك لم يتم حتى الآن إحلال أو تجديد مستودعات المستلزمات الطبية وفقاً لتوصيات المجلس الوطني، ولازال مبنى مختبر الأنسجة وعيادة الجلدية على حالتها الأولى التي شاهدتها اللجنة عليها، فيما تم إخلاء سكن الممرضات الآيل للسقوط من الموظفين والعمال في شهر مارس الماضي بعد تولي أحمد الخديم منصب مدير مستشفى البراحة، ولكن لم يتم حتى الآن إحلال المبنى لدرجة انه أصبح مسكناً آمناً للقوارض والحشرات .

وأكدت روية السماحي عضو لجنة الشؤون الصحية والعمل بالمجلس الوطني، أن وضع المستشفيات والمراكز الصحية التابعة لوزارة الصحة بات أسوأ بكثير مما كانت عليه أثناء الجولات التفقدية التي قامت بها اللجنة، فلم يتم حتى الآن تنفيذ توصيات المجلس الوطني بشأن تلبية احتياجات المرضى وتطوير المستشفيات وإحلال البعض منها كمستشفى الأمل في دبي المعرضة للسقوط في أي لحظة، لذلك جددنا الحديث عنها باستفاضة أثناء مناقشة سياسة وزارة الصحة في يوليو الماضي، أي بعد مرور 6 أشهر من صدور تقرير اللجنة، غير أن الوزارة لم تقدم أي جديد لذلك المستشفى ولم تتبن ملفه بشكل جاد رغم حجم الخطورة الذي يمثله، خاصة بعدما أصبحت خطراً يهدد المرضى بعد سقوط كتل أسمنتية من الأسقف أكثر من مرة، إضافة إلى تشقق جدرانها .

وذكرت السماحي أنه أثناء مناقشة الميزانية الاتحادية الجديدة بالمجلس الوطني تم التطرق إلى العديد من نقاط الضعف والأزمات التي تعاني منها وزارة الصحة، كأزمة تسرب الكوادر الطبية والتمريضية من مستشفيات الوزارة والتي لازالت مستمرة دون مراعاة للخبرات التي تفتقدها الوزارة كل يوم، والسبب في ذلك التدني الملحوظ للرواتب مقارنة بالأطباء العاملين بالقطاع الخاص والحكومات المحلية وهو ما ساهم بشكل كبير في زيادة العجز بمختلف التخصصات الطبية بجميع المستشفيات والمراكز الطبية، إلى جانب ذلك أكدنا خلال مناقشة الميزانية أن هناك قصوراً بالغاً في الأداء تجاه مختلف الأزمات التي تواجه الوزارة وتحديداً الأزمة الأخيرة التي عانت ومازالت تعاني منها مستشفيات الوزارة وهو النقص الحاد بمختلف أنواع الأدوية، بعدما بات المرضى والمنومون بالمستشفيات يشترون الأدوية على نفقتهم الخاصة، بالرغم من الارتفاع الكبير في أسعارها مقارنة بدول الجوار .

 المصدر : الخليج 24 يناير 2011

Related posts